ما نعرفه عن العملية العسكرية الإسرائيلية داخل مستشفى ناصر في خان يونس

ما نعرفه عن العملية العسكرية الإسرائيلية داخل مستشفى ناصر في خان يونس



يقوم الجيش الإسرائيلي منذ الخميس بعملية عسكرية في مستشفى ناصر في مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، حيث وفقا “لمعلومات استخباراتية موثوقة” من أجهزته الأمنية، تحتجز حركة حماس عددا من الرهائن الإسرائيليين. وادعت إسرائيل الجمعة أنها اعتقلت 20 شخصا على صلة بهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. فيما أفادت وزارة الصحة في غزة التابعة للحركة الإسلامية الفلسطينية، من جانبها، عن وفاة العديد من المرضى في المستشفى. أما منظمة “أطباء بلا حدود” فقد تحدثت عن “وضع فوضوي” في المكان.

في الوقت الذي تواصل فيه الدول الوسيطة مفاوضاتها في القاهرة بهدف التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحماس، يشن الجيش الإسرائيلي هجوما، منذ الخميس الماضي، على مستشفى ناصر في خان يونس، قال الأحد المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أشرف القدرة إن ثاني أكبر مستشفى في قطاع غزة “خرج عن الخدمة”.

وأضاف القدرة أن هناك أربعة فقط من أفراد الأطقم الطبية يتولون رعاية المرضى داخل مستشفى ناصر في مدينة خان يونس جنوب القطاع. وتابع “خروج (مستشفى) ناصر عن الخدمة هو حكم بالإعدام على مئات الآلاف من المواطنين والنازحين بمنطقة خان يونس ورفح، وذلك لأن مجمع ناصر الطبي يعتبر العمود الفقري للخدمات الصحية جنوب غزة”. 

وأردف أن إمدادات المياه إلى المستشفى توقفت بسبب توقف مولدات الكهرباء عن العمل منذ ثلاثة أيام، كما أن مياه الصرف الصحي تغمر غرف الطوارئ، وليس لدى الأطقم الطبية المتبقية أي وسيلة لعلاج مرضى العناية المركزة. وتابع قائلا إن نقص إمدادات الأكسجين نتيجة لانقطاع الكهرباء أيضا تسبب في وفاة سبعة مرضى على الأقل.

اقرأ أيضامباشر: ثاني أكبر مستشفى في غزة “خرج عن الخدمة” ونتانياهو يصر على تنفيذ هجوم بري في رفح

 

إليكم ما نعرفه إلى الآن عن هذه العملية العسكرية الجارية في أكبر مؤسسة طبية واقعة في جنوب قطاع غزة.

 

لماذا اقتحم الجيش الإسرائيلي مجمع ناصر الطبي؟

إن الهجوم الذي يشنه الجيش الإسرائيلي هو تتويج لعملية عسكرية جارية منذ ثلاثة أسابيع في الجزء الأوسط من قطاع غزة حيث تقع مدينة خان يونس. وحتى نهاية الأسبوع الماضي، بدأ القتال في الاقتراب تدريجيا من مستشفى ناصر.

وقبل هجوم الخميس بأيام، حاصرت القوات الإسرائيلية بدباباتها وقناصتها المستشفى. وبحسب الحصيلة الأخيرة، فإن ما لا يقل عن 23 فلسطينيا قد قتلوا خلال هذه الفترة بنيران القناصة بالقرب من محيط المستشفى أو داخل حرمها، وذلك وفقا لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، الذي يستند إلى أرقام تنشرها وزارة الصحة التابعة لحماس.

وقد أمر الجيش الإسرائيلي الثلاثاء بإخلاء المؤسسة الطبية قبل اقتحامها بعد ذلك بيومين. وأعلنت السلطات الإسرائيلية أنها تقوم “بعملية مركزة ومحدودة” في هذا المستشفى، وذلك بعد تلقيها “معلومات موثوقة” تشير إلى أن حماس تحتجز رهائن إسرائيليين هناك “وأنه قد تكون هناك جثث لبعضهم” في المكان.

وكانت رهينة إسرائيلية أطلق سراحها قد قالت لوكالة أسوشيتد برس في يناير/كانون الثاني إنها وأكثر من عشرين أسيرا آخرين احتجزوا في مستشفى ناصر. وفقا لإسرائيل، لا يزال 134 رهينة إسرائيلية محتجزين في غزة، يعتقد أن 30 منهم قد لاقوا حتفهم، من بين نحو 250 شخصا اختطفوا من على أراضيها في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وإلى الآن، لم يعثر الجيش الإسرائيلي على “أدلة” تؤكد وجود رهائن في مجمع المستشفى، لكنه يدعي أنه صادر “أسلحة وقنابل يدوية وقذائف هاون” هناك. والجمعة، أشار الجيش إلى أنه اعتقل أيضا أكثر من 20 “إرهابيا” شاركوا “في هجمات حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، من بين “عشرات المشتبه بهم” اعتقلوا داخل حرم مستشفى ناصر.

من جانبه، قال دانيال هاغاري، كبير المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي، مساء الخميس إن قوات جيشه قد عثرت على قنابل يدوية وقذائف هاون في المكان، وأنه وفقا لمعلومات أجهزة الرادارات الإسرائيلية فإن مسلحين فلسطينيين أطلقوا قذائف هاون من حرم المستشفى قبل شهر من هذا التاريخ. وهي ادعاءات لا يمكن تأكيدها من مصادر مستقلة.

فيما وصف عضو المكتب السياسي لحماس، عزت الرشق، الجمعة هذه الادعاءات الإسرائيلية بأنها “كذب”، مثل كل الاتهامات الإسرائيلية بأن مستشفى ناصر وغيرها في المنطقة، تستخدم كقواعد عسكرية من قبل حماس.

مقتل العديد من المرضى، ومئات لا يزالون في المستشفى

وقد اضطر آلاف الأشخاص – بمن فيهم المرضى – الذين لجؤوا إلى المستشفى إلى إخلائه، وفقا لتصريحات وزارة الصحة في القطاع. في حين نفى دانيال هاغاري الخميس رغبة جيشه في إخلاء المجمع الطبي. وقال: “أصرينا على أن المرضى والموظفين غير ملزمين بإخلاء المستشفى”، في إشارة إلى المناقشات الأخيرة مع المسؤولين الطبيين.

بينما قالت جميلة زيدان إحدى النازحات في مستشفى ناصر لوكالة الأنباء الفرنسية “غادر زوجي وابني محمد الأربعاء مع آلاف الأشخاص الآخرين ولا أعرف ماذا حدث لهم”. وأضافت هذه المرأة البالغة من العمر 43 عاما والتي بقيت في المستشفى مع بناتها الست: “نحن خائفون للغاية”.

ولا يزال عدة مئات من الأشخاص في داخل المجمع الطبي في ظروف صعبة، وفقا لوزارة الصحة في قطاع غزة. وقد كان لتطويق المرفق الطبي من قبل الجيش الإسرائيلي عواقب وخيمة على المرضى والعاملين في المستشفى: فقد أدلى شخص تم إجلاؤه إلى رفح بشهادته لوكالة أسوشيتد برس قائلا إن أيام الحصار تركت المرفق بدون ماء أو طعام. “انتشرت القمامة في كل مكان. وغمرت مياه الصرف الصحي قسم الطوارئ”، يؤكد رائد عابد.

كما يبدو أن هجوم الجيش الإسرائيلي قد أدى إلى تعقيد مهمة الأطباء في المجمع. فخلال عملية التفتيش، أمرت القوات الإسرائيلية 460 موظفا ومريضا وأقاربهم بالانتقال إلى مبنى قديم غير مجهز، وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية.

وهو ما كانت له عواقب جسيمة، وفقا للمصدر نفسه، الذي أعلن الجمعة أن خمسة مرضى لاقوا حتفهم بعد انقطاع التيار الكهربائي الذي تسبب في توقف توزيع الأكسجين في المستشفى. وأضافت الوزارة أنها تخشى على حياة تسعة مرضى آخرين في جناح العناية المركزة والأطفال الخدج في الحضانات، وحملت “القوات الإسرائيلية المسؤولية عن حياة المرضى والفرق الطبية” هناك.

“الوضع الفوضوي” والعقبات التي لاحظتها منظمة الصحة العالمية ومنظمة “أطباء بلا حدود”

يصف طبيب ومنظمة غير حكومية، على الشبكات الاجتماعية، وضعا لا يمكن السكوت عنه في المستشفى. وتظهر العديد من مقاطع الفيديو ظروفا صعبة للغاية، وبخاصة أثناء عملية الإجلاء من المجمع الطبي.

وصور الطبيب محمد حرارة، على وجه الخصوص، أروقة المستشفى المشبعة بالغبار والحطام بعد حدوث انفجار، ويمكننا من خلال مقطع الفيديو سماع طلقات نارية في الخلفية. نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية تقريرا عن مقطع فيديو آخر صوره الصحافي الفلسطيني محمد سلامة “يعرض المرضى الذين تم إجلاؤهم في حالة من الفوضى، بعد قصف وقع على قسم جراحة العظام، مما أسفر عن مقتل مريض”.

وتضاف هذه الشهادات إلى شهادات المنظمات غير الحكومية الموجودة في المكان، مثل منظمة “أطباء بلا حدود”، التي أبلغت الخميس عن وجود “حالة فوضوية”: “بعد القصف هذا الصباح، أبلغ موظفونا عن حالة فوضوية، مع عدد غير محدد من القتلى والجرحى”.

وفي رسالة أخرى، أوضحت المنظمة غير الحكومية أن جزءا من طاقمها الطبي “اضطر إلى الفرار من المستشفى، تاركا المرضى وراءه”. كما أكدت أن أحد فرقها استمر في العمل في مستشفى ناصر “في ظل ظروف شبه مستحيلة”.

الصحة العالمية تشكو منع بعثاتها من الوصول للمستشفى

بالإضافة إلى ذلك، أفاد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة يوم الأربعاء أنه تم منع بعثتين تابعتين لها من الوصول إلى المستشفى. “إن مستشفى ناصر هو العمود الفقري للنظام الصحي في جنوب غزة. ويجب حمايتها بكل السبل. كما ينبغي السماح بوصول المساعدات الإنسانية إليها”، هكذا كتب على منصة “إكس”، مدير المنظمة تيدروس أدهانوم غيبرياسوس. وحثت منظمة الصحة العالمية إسرائيل على السماح لموظفيها بالوصول إلى المستشفى حيث قالت إن الحصار والغارات التي تشنها القوات الإسرائيلية منذ أسبوع بحثا عن مقاتلي حماس منعتهم من مساعدة المرضى.

واضطر أيضا المدنيون الذين فروا من هجوم يوم الخميس إلى المرور عبر نقطة تفتيش أقامتها القوات الإسرائيلية لفحص الأشخاص الذين يغادرون المستشفى. وذكرت المنظمة غير الحكومية أنه تم اعتقال العديد من الأشخاص، ومنهم موظف في منظمة “أطباء بلا حدود”.

والخميس، ندد مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان على إكس بـ”ميل القوات الإسرائيلية لمهاجمة البنى التحتية الأساسية المخصصة لإنقاذ الأرواح في غزة، ولا سيما المستشفيات”. وأضافت الوكالة الأممية: “هذه الهجمات محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي”.

بيانات وزارة الصحة الفلسطينية التابعة لحماس

وتقوم وزارة الصحة بجمع المعلومات المقدمة من مستشفيات القطاع ومن الهلال الأحمر الفلسطيني. ولا تشير وزارة الصحة في غزة إلى الكيفية التي قتل بها الضحايا الفلسطينيون، سواء بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية أو بنيران الجنود على الحواجز أو بسبب الصواريخ الفلسطينية التي تخطئ أهدافها. فهي تصف جميع القتلى بأنهم ضحايا “العدوان الإسرائيلي”، كما أنها لا تميز بين المدنيين والمقاتلين.

وخلال الحروب الأربع والاشتباكات العديدة التي وقعت بين إسرائيل وحماس، استشهدت دائما وكالات الأمم المتحدة وبانتظام بأرقام وزارة الصحة في تقاريرها. وتستخدم اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر الفلسطيني هذه الأرقام أيضا.

في أعقاب حلقات الحروب السابقة، نشر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أرقام الضحايا بناء على أبحاثه الخاصة في السجلات الطبية الفلسطينية. تتوافق أرقام الأمم المتحدة إلى حد كبير مع أرقام وزارة الصحة في غزة، مع بعض الاختلافات الضئيلة.

 

لمعرفة المزيد عن تقييمات وزارة الصحة في غزة لأعداد الضحايا، رجاء النقر على أحد هذين الرابطين 1، 2.

 

النص الفرنسي:  جان لوك مونييه | النص العربي: حسين عمارة

Share this content:


اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading