قادمة من جيبوتي، وصلت الناقلة البديلة نوتيكا- والتي تم تغيير اسمها إلى “اليمن”- إلى موقع الخزان المتهالك. وتم توصيلها بالخزان وبدأت عملية ضخ النفط عند الساعة 10:45 صباحا بالتوقيت المحلي، وستستمر على مدار الساعة خلال الـ 19 يوما القادمة.
ولكن اكتمال ضخ النفط من صافر لا يعني انتهاء هذه العملية، لأن الناقلة صافر ستظل تشكل تهديدا بيئيا. هناك حاجة إلى 22 مليون دولار إضافية لإنهاء العمل الذي بدأته الأمم المتحدة.
متى بدأت أزمة الناقلة صافر؟
صُنعت صافر كناقلة نفط ضخمة في عام 1976، وتم تحويلها بعد عقد من الزمن إلى خزان نفط عائم.
ترسو هذه الناقلة على بعد حوالي 4.8 ميلا بحريا قبالة ساحل محافظة الحديدة في اليمن، وتحتوي على ما يقدر بنحو 1.14 مليون برميل من الخام الخفيف. تم تعليق عمليات الإنتاج والتفريغ والصيانة للناقلة في عام 2015 بسبب النزاع في اليمن، وتدهور السلامة الهيكلية للناقلة بشكل كبير ما عرضها لخطر الانهيار.
توقفت الأنظمة اللازمة لضخ الغاز الخامل في الناقلة عن العمل في عام 2017 ما أدى إلى خطر وقوع انفجار، كما باتت الناقلة غير قابلة للإصلاح. كان أي تسريب نفطي هائل سيتجاوز القدرة والموارد الوطنية على التعامل معه بالفعالية اللازمة.
ما هي الآثار المترتبة على وقوع تسرب نفطي هائل من الناقلة صافر؟
تقُدّر تكلفة تنظيف الخزان العائم صافر بنحو 20 مليار دولار أمريكي.
وإذا وقع أي تسرب هائل للنفط، سيدمر المجتمعات التي تعتمد على الصيد على ساحل البحر الأحمر في اليمن، حيث يعتمد الملايين على صيد الأسماك في المنطقة. وقد يقضي التسرب النفطي على مائتي ألف فرصة لكسب العيش على الفور في حال حدوثه. كما ستتعرض مجتمعات بأكملها للسموم التي تهدد الحياة.
ويمكن أن يُغلِق هذا التسرب النفطي الكبير مينائي الحديدة والصليف المجاورين، وهما منفذان رئيسيان للإمدادات الغذائية والوقود والإمدادات المنقذة للحياة في بلد يحتاج فيه 17 مليون شخص للمساعدات الغذائية.
وسيكون التأثير البيئي على المياه والشعاب المرجانية وأشجار المانغروف والحياة البحرية المتنوعة شديدا. ويمكن للنفط المتسرب أن يصل إلى شواطئ المملكة العربية السعودية وإريتريا وجيبوتي والصومال. كما يمكن أن يتم إغلاق محطات تحلية المياه على ساحل البحر الأحمر، وقطع مصادر المياه العذبة عن ملايين الناس.
وسيلوث أي تسريب محتمل الهواء على نطاق واسع. ومن الممكن أيضا أن تتعطل حركة الملاحة الحيوية عبر مضيق باب المندب إلى قناة السويس لفترة طويلة، ما سيتسبب بخسارة مليارات الدولارات في اليوم الواحد. ومن المتوقع أن تتأثر السياحة أيضا.
ما هي تفاصيل العملية التي تقودها الأمم المتحدة لمنع تسرب نفطي هائل؟
بعد جهود الأمم المتحدة السابقة للتعامل مع التهديد الذي يشكله الخزان صافر في ظل بيئة الصراع المسيّسة للغاية، طرح المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن، ديفيد غريسلي مبادرة جديدة للقطاع الخاص في منتصف عام 2021.
ودعت المبادرة إلى اختيار شركة رائدة في مجال الإنقاذ البحري لنقل النفط من على متن الخزان صافر.
وفي أيلول/سبتمبر 2021، أصدرت الأمم المتحدة تعليمات لديفيد غريسلي للقيام بقيادة أممية واسعة النطاق لجهود التصدي لهذا الخطر الذي تفرضه الناقلة صافر وتنسيق جميع الجهود لمواجهة التهديد.
وبعد مناقشات مع الجهات المعنية، تم تقديم مسودة خطة منسقة من قبل الأمم المتحدة حظيت بدعم كبير من قبل الإدارة العليا للأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر 2021.
منذ ذلك الحين، عملت الأمم المتحدة عن كثب مع حكومة اليمن في عدن والتي دعمت المبادرة عبر تقديم تبرع بقيمة 5 ملايين دولار العام الماضي. كذلك وقعت السلطات القائمة في صنعاء- التي تسيطر على المنطقة التي ترسو السفينة قبالتها- على مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة في 5 آذار/مارس 2022، تضع فيها إطارا تعاونيا التزمت فيه بتسهيل نجاح المشروع.
يقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتنفيذ هذا المشروع المعقد والذي يتضمن الخطوات التالية:
- تقوم شركة عالمية رائدة في مجال الإنقاذ بفحص الناقلة صافر وجعلها آمنة لعملية نقل النفط إلى ناقلة بديلة ثم سحبها بعيدا.
- تركيب عوامة مرساة كالم (CALM) التي يتم بواسطتها ربط الناقلة البديلة، وكذلك سحب ناقلة صافر وتخريدها.
بدأت الأعمال التحضيرية في نهاية عام 2022 حيث جمع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خبرات فنية على أعلى مستوى، من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك شركة استشارية للإدارة البحرية وشركة قانونية بحرية ووسطاء في مجالي التأمين والسفن وخبراء في التسرب النفطي.
في آذار/مارس، اتفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع شركة يورناف (EURONAV) لشراء ناقلة بديلة والتي تم تعديلها لاحقا من أجل العملية.
وفي نيسان/أبريل، تعاقد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع شركة سميت (SMIT) المتفرعة من شركة بوسكالز (Boskalis).
كيف تم تجهيز الناقلة صافر من أجل نقل النفط للناقلة البديلة؟
في 30 أيار/مايو، وصلت ناقلة الإنقاذ نديفور إلى موقع الناقلة صافر لبدء العملية. وتعاون طاقم الناقلة صافر بشكل كبير مع فريق الإنقاذ، في حين أن اللجنة الفنية المعنية بصافر في الحديدة وفرت الوصول والدعم الأمني والفني وحافظت على مستوى عال من التنسيق والتعاون مع فريق عمليات الأمم المتحدة في الحديدة وفريق الإنقاذ.
وبذل فريق شركة سميت كل ما بوسعه من أجل حفظ استقرار الناقلة وتجهيزها لنقل النفط. وشملت تلك العملية ما يلي:
- التقييمات الهيكلية الشاملة لجسم الناقلة والتي أكدت أن مستويات سمك الهيكل كافية لتحمل القوى المتولدة أثناء نقل النفط.
- ضخ الغاز الخامل في صهاريج شحن النفط للحد بشكل كبير من مخاطر نشوب حريق أو انفجار، والاختبار المستمر لضمان بقاء الأجواء داخل الخزان في مستوى آمن.
- إعداد مضخات النقل المحمولة وتجهيز الخراطيم والصمامات وإصلاح مشعب الخزان صافر الذي سيتدفق النفط من خلاله أثناء العملية.
- التحضير المسبق لمعدات الاستجابة للتسرب النفطي.
وبعد هذه العملية، أصبح الخزان صافر جاهزا لنقل النفط. وفي 10 تموز/يوليو 2023، منحت سلطات صنعاء الإذن بنقل النفط.
وصلت بالفعل السفينة البديلة “اليمن” إلى موقع صافر.
ووفر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة والمنظمة البحرية الدولية خبرات عالية المستوى لمراقبة العمل ودعم الجهود اليمنية في حال وقوع أي حادث أثناء العملية. كما قدم برنامج الأغذية العالمي وصندوق الأمم المتحدة للسكان وإدارة السلامة والأمن التابعة للأمم المتحدة وبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة الخبرة أو الدعم التشغيلي على الأرض للعملية.
هل يعني نقل النفط انتهاء التهديد البيئي؟
سيمنع نقل النفط السيناريو الأسوأ وهو حدوث تسرب كارثي أكبر أربعة أضعاف من تسرب الناقلة إكسون فالديز الذي وقع قبالة سواحل ولاية ألاسكا الأميركية في 1989.
ولكن حتى بعد النقل، فإن الناقلة المتهالكة صافر ستستمر في تشكيل تهديد بيئي ناتج عن بقايا النفط اللزج داخل الخزان، والذي يشكل تهديدا لاسيما أن الناقلة تظل معرضة للانهيار.
ولإنهاء المهمة، هناك حاجة ملحة إلى 22 مليون دولار- بما فيها 20 مليون دولار لسداد تمويل داخلي وفره الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ التابع للأمم المتحدة الذي أتاح سيولة كافية لبدء العملية.
وحتى الآن، قدمت الدول الأعضاء والقطاع الخاص والجمهور من خلال التمويل الجماعي 121 مليون دولار من المساهمات والتعهدات. ودعا شركاء رئيسيون آخرون على مدار سنوات إلى مواجهة التهديد أو تقديم تبرعات عينية.
وتعتمد الأمم المتحدة الآن على المزيد من الدعم السخي لإنهاء هذه المهمة الحاسمة دون تأخير.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.