أكدت وسائل إعلام محافظة في إيران أن قوات الأمن تمكنت من قرصنة حساب “إيران إنترناشونال” على تلغرام، وهي قناة تلفزيونية ناطقة بالفارسية قامت بتغطية واسعة للمظاهرات المناهضة للنظام منذ وفاة الشابة مهسا أميني لدى احتجازها من قبل شرطة الأخلاق في أيلول/ سبتمبر 2022. ونجح النظام بالتالي في اعتراض الرسائل التي يبعثها إيرانيون للقناة الموجودة في لندن وتحتوي على صور للحركة الاحتجاجية في البلاد، وهو أسلوب جديد لإحباط عزيمة المواطنين الإيرانيين على إخراج صور من البلاد. ولكن إدارة القناة أكدت أنها حسابها لم يتعرض للقرصنة.
نشرت في:
12 دقائق
توجه عدد كبير من الإيرانيين لوسائل الإعلام الناطقة بالفارسية خارج بلادهم لنقل صور للحركة الاحتجاجية والقمع بعد وفاة الشابة مهسا أميني في أيلول/سبتمبر 2022. وأصبحت هذه المقاطع المصورة التي التقطها هواة المصدر الرئيسي للمعلومات المستقلة عما يحدث في البلاد، حيث فرضت السلطات الصمت التام على وسائل الإعلام المحلية.
خلال الأيام الماضية، استهدفت وسائل إعلام تابعة لجهاز الحرس الثوري الإيراني قناة “إيران إنترناشونال” من خلال نشر ما تقول إنه رسائل بعثها إيرانيون إلى القناة الموجودة في بريطانيا وتحتوي على مقاطع فيديو لهواة. وبعد إطلاقها في سنة 2017، تتلقى قناة “إيران إنترناشونال” المتهمة بأنها ممولة من السعودية، صورا كثيرة لهواة من إيران وتقوم ببثها. ووصفت السلطات الإيرانية هذه القناة بأنها “منظمة إرهابية” وهو وصف يعني أن الإيرانيين المتهمين بإرسال معلومات إلى القناة يمكن أن يواجهوا عقوبات قاسية من قبل المحاكم الإيرانية.
وسائل إعلام تابعة لجهاز الحرس الثوري في إيران بينها وكالة الأنباء “فارس” نشرت ما لا يقل عن ستة مقاطع فيديو على الإنترنت تقول إن “مجموعة قراصنة” لم تحددهم تمكنوا من اعتراض رسائل تم بعثها إلى قناة “إيران إنترناشونال”.
وفي الواقع، فإن وسائل إعلام تابعة لجهاز الحرس الثوري في إيران بينها وكالة الأنباء “فارس” نشرت ما لا يقل عن ستة مقاطع فيديو على الإنترنت تقول إن “مجموعة قراصنة” لم تحددهم تمكنوا من اعتراض رسائل تم بعثها إلى قناة “إيران إنترناشونال”. وفي مقاطع الفيديو هذه، والتي نشرت في منتصف أيلول/سبتمبر الماضي، نرى صورا التقطها شخص زعم أنه تم إرسالها إلى القناة عبر حسابها في تطبيق تلغرام إضافة إلى صور ملتقطة من الشاشة لرسائل وأسماء مستخدمي مرسلي هذه الرسائل، وقد تم إخفاء اسم الحساب. وتظهر صور الهواة الظاهرة في هذه الدردشات، مظاهرات ومبادرات أخرى ضد النظام وبالخصوص إضرابات من تجار.
وفي اتصال مع فريق تحرير مراقبون فرانس24، نفى المتحدث الرسمي باسم قناة إيران إنترناشونال أدم بايلي بأن تكون السلطات الإيرانية قد تمكنت من قرصنة حساب القناة على تطبيق تلغرام “بأي طريقة كانت” إذ صرح قائلا: “مثل هذه المزاعم من جهاز الحرس الثوري الإيراني أو من يواليها هي كاذبة وتهدف إلى ترويع وتهديد الناس. السلطات الإيرانية تعتبرنا بمثابة قناة إرهابية وهو ما يوفر لها غطاء شبه قانوني لتهديد العاملين في القناة وترهيبهم بطريقة وحشية في معظم الأحيان هم وعائلاتهم في إيران”.
وأظهر مقطع فيديو بتثه قناة وكالة فارس للأنباء Fars News Agency في 15 أيلول/سبتمبر الماضي، على سبيل المثال رسائل بعثها مستخدم يدعى “ميلاد” قام من خلالها بإرسال مقطع فيديو لمظاهرة مناوئة للنظام وأرفقها بالنص التالي “أريا شهر (حي في العاصمة طهران) في 17 أو 18 أبان (8 أو 9 أيلول/سبتمبر 2023). رجال من النظام يضربون بوحشية شابا صغيرا”. ولم يتمكن فريق تحرير مراقبون فرانس24 من التأكد من صحة هوية باعث هذه الرسالة أو السياق الذي التقط فيه الفيديو، ولكن بالنسبة إلى مستخدمي الإنترنت في إيران، فإن مزاعم القرصنة هذه مضللة بشكل تام.
“إذا كانوا قد تمكنوا حقا من قرصنة القناة على تلغرام، لتم تغيير صورة الحساب”
في هذا المقطع المصور الذي نشر على منصة إكس (تويتر سابقا)، في 19 أيلول/سبتمبر 2023، يصرخ متظاهرون “يجب أن يرحل نظام الملالي”.
“إذا كانوا قد تمكنوا حقا من قرصنة القناة على تلغرام، لتم تغيير صورة الحساب (حساب قناة إيران إنترناشول على تغرام)” هذا ما كتبه مستخدم آخر في إشارة منه إلى أسلوب معتاد عندما تنجح قوات الأمن الإيرانية في قرصنة حسابات معارضين للنظام.
اینا اگه هک میکردن وسطش شعرو ور مینوشتن که توسط ما هک شد و عکس پروفایلم تغییر میدادن
— kartal.az21 (@kartaaal070) September 20, 2023
مستخدم آخر لمنصة إكس كتب في تغريدة “قرصنة؟ هذه مزحة، أنصار الحرس الثوري عاجزون عن القيام بمهمة تكنولوجية أعقد من عملية كتابة شفرات صفحة عادية على الإنترنت”.
هک؟ مگه کشکه؟
عرزشی ها نهایتش html کد بزنن 😲— AsiaFilm (@H3devPira) September 20, 2023
“قرصنة حساب على تلغرام عملية بالغة الصعوبة”
يقول أميني ساباتي الخبير الإيراني في الأمن السيبراني والذي يقيم في لندن ويتابع نشاط القراصنة الإلكترونيين المقربين من النظام:
قرصنة خوادم تطبيق مراسلات مثل تلغرام هي في العموم مهمة صعبة جدا ليس فقط على الإيرانيين بل على أي قرصان إلكتروني في العالم.
أما بخصوص الصورة الملتقطة من الشاشة لرسائل المستخدمين التي زعم هؤلاء أنها أرسلت إلى حساب قناة إيران إنترناشونال على تلغرام، فإنها كانت على شكل لا يسمح إلا لصاحب حساب قناة إيران إنترناشونال برؤيتها. أتابع عن قرب نشاط قراصنة الإنترنت الذي يعملون لحساب النظام الإيراني ولم أرصد أي مؤشرات على قدرتهم على قرصنة مباشرة لخوادم تطبيق تطبيق تلغرام التي تمكنهم من دخول أي حساب.
كل ما قام به قراصنة الإنترنت الإيرانيون إلى حد الآن هو إيقاع “المستخدم الأخير” في فخ وذلك باستخدام تقنيات مختلفة على غرار ما يعرف بـ”فيشينغ، phishing”. أي على سبيل المثال، يتم إرسال رسائل بريد إلكتروني لأصحاب حسابات لإيهامهم بأنهم يمثلون إدارة شركة تلغرام ويقولون لهم إن هناك محاولات لقرصنة حساباتهم أو لتغيير كلمات السر لهذه الحسابات.
لجوء إيرانيين إلى وسائل إعلام أجنبية على غرار قناة بي بي سي البريطانية أو إيران إنترناشونال يعود لسببين. أولها هو ما يتعلق بوسائل الإعلام هذه التي أعلم أن إجراءات السلامة لديها جيدة بالفعل. هذه الوسائل الإعلامية تتبع آخر التحديثات لحماية أمن حساباتها. ولهذا السبب، لم تحدث حالات اختراق لحساباتها إلى حد الآن.
الإشكال الوحيد الذي يمكن أن يثير قلق الإيرانيين الذين يتواصلون مع وسائل إعلام أجنبية هو أنه يجب أن يؤمنوا حساباتهم بالشكل المناسب. إذ يتوجب عليهم تحديث تطبيقاتهم وبرمجياتهم وألا يقوموا بتحميل برمجيات خبيثة على هواتفهم. وحالما تصل رسائلهم، يجب عليهم حذفها بأنفسهم
على حساب قناة إيران إنترناشونال.. لا أثر لمقاطع فيديو
قام فريق تحرير مراقبون فرانس24 بتحليل ستة مقاطع فيديو نشرتها وكالة فارس للأنباء ومنشورات تناقلتها حسابات موالية للحرس الثوري والتي زعم أنه تم إرسالها إلى قناة إيران إنترناشونال. وقمنا فيما بعد بالبحث عن منشورات أخرى لنفس مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي ومنها بالخصوص أرشيف حسابات قناة إيران إنترناشونال على تطبيقات تلغرام وتويتر وإنستاغرام على مدى آخر 12 شهرا.
ومن جملة ثلاثين مقطع فيديو زعم أنه تم إرسالها إلى قناة إيران إنترناشونال من قبل مواطنين إيرانيين، لا يوجد أي واحد منها نشرته هذه القناة عبر حساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي. كما أن البحث العكسي عن الصور لا يحيلنا بدوره على أي منشور لهذه المقاطع المصور عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
مقطع فيديو زعم أنه التقط في تشرين الثاني/نوفمبر 2022… يعود في الحقيقة لسنة 2023
زد على ذلك أن مقطع فيديو قيل إنه التقط في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2022 حسب ادعاءات وسائل إعلام مقربة من السلطات الإيرانية، التقط في الواقع خلال سنة 2023. وحسب ما نشره موقع ارس نيوز في 20 أيلول/سبتمبر الماضي، فإن مستخدما يطلق على نفسه اسم Nilo0o (نيلو) قام بإرسال مقطع فيديو لقناة إيران إنترناشونال في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 يظهر من خلاله محلات تجارية مغلقة في شارع ما وأرفقه بالنص التالي “إضراب عام لسكان مدينة رشت في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022”.
وفي الواقع، تم التقاط المقطع المصور في حري غولسار في مدينة رشت. ويظهر بنكا يحمل اسم “ميلال كريدت إنستيتيوشن Melal Credit Institution، في شارع غولسار بين جادتي 92 و96 في مركز تجاري يدعي “بلانكا بالاس Blanca Palace”.
ولكن معلومات أخرى تشير إلى أن فرع هذا البنك في شارع غولسار انتقال من المكان ولكن في سنة 2023. ويظهر مقطع فيديو لشارع غولسار التقط في كانون الثاني/يناير 2023 بالتالي نفس المكان فارغا مع لافتة تشير إلى عنوان المركز التجاري.
في الصفحات الصفراء الإيرانية، تمت الإشارة إلى أن بنك “ميلال كريدت إنستيتيوشن Melal Credit Institution يملك فرعا آخر في نقطة أخرى بشارع غولسار على بعد 500 متر من هذا المكان بالقرب من الجادة رقم 109.
وفي شهر شباط/فبراير 2023، نشر محل تجاري قريب من هذا المكان أيضا إعلان يقول فيه ما يلي: “أنا المالك الجديد للجادة 109، نرجو منكم تحديث جدول عناوينكم”.
مقطع الفيديو الذي يُزعم أن مجموعة من القراصنة تمكنوا من رصده على الأرجح لم يتم تصويره في تشرين الثاني/نوفمبر 2022.
“إذا ما نجح النظام في قطع خط الاتصال هذا مع المنظمات الأجنبية، سيحدث تعتيم شامل على المعلومة”
بهرام (اسم مستعار) هو صحافي إيراني. وتعرض للاعتقال والاستجواب عدة مرات خلال السنوات الماضية بسبب تقاريره حول المستجدات في إيران، يقول:
أصبح الإيرانيون اليوم يصورون كل شيء بهواتفهم النقالة: من إضرابات ومظاهرات وعنف بوليسي.. ومن ثم يرسلون مقاطعهم المصورة إلى وسائل إعلام أو منظمات تتولى نشرها فيما بعد. مقاطع الفيديو التي يرسلها الناس إلى وسائل بث أجنبية هي مصدرنا الوحيد للمعلومة. إذا ما نجح النظام في قطع خط الاتصال هذا مع المنظمات الأجنبية، سيحدث تعتيم شامل على المعلومة في بلدنا. لا نعلم ما الذي سيحدث بعد ذلك، بالفعل لن نعلم أي شيء من جديد.
بذل النظام مجهودات كثيرة ليتم التعتيم الشامل على الأخبار. إذ قطعت السلطات وسائل التواصل الاجتماعي لكن الناس أصبحوا يستخدمون عناوين الإنترنت الآمن في بي إن للدخول إليها. وحاول أيضا تشويه وسائل الإعلام الدولية أو النشطاء من خلال حملات دعاية وتضليل.
البدعة الأخيرة للنظام هي ترويع الناس. وكأني بهم يقولون الآن: إذا ما قمتم بإرسال شيء ما سنعثر عليكم”. وبالرغم من ذلك، فإنني لست متأكدا من أن ذلك سيجدي نفعا للنظام في نهاية المطاف. يمكن أن يكون ذلك صحيحا على المدى القريب حيث سيتردد الناس لبضعة أيام قبل إرسال مقاطع لوسيلة إعلام أو أحد النشطاء، لكن على المدى الطويل، أعتقد أنه لا شيء سيتغير. فالناس لن يتخلوا عن هذا القدر القليل من الماء، مهما قل حجمه وسط الصحراء.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.