وفي كلمته أمام مجلس الأمن الدولي اليوم الاثنين، أشار السيد بيدرسون إلى تبادل إطلاق النار في الجولان المحتل، والغارات الجوية المنسوبة إلى إسرائيل، بما في ذلك على مطاري حلب ودمشق، والتي أوقفت مؤقتا الخدمة الجوية الإنسانية التابعة للأمم المتحدة.
وتحدث أيضا عن الهجمات على القواعد الأمريكية من قبل “جماعات يُدعى أنها مدعومة من إيران، والضربات التي شنتها القوات الأمريكية ضد منشآت يُزعم أنها تستخدم من قبل الحرس الثوري الإيراني”.
وأضاف: “فيما تشهد المنطقة الأوسع أخطر حالاتها وتوترها منذ فترة طويلة جدا، تتم إضافة الوقود إلى برميل بارود كان قد بدأ بالفعل في الاشتعال”.
التصاعد في الداخل
وحتى قبل التطورات الأخيرة في المنطقة، قال بيدرسون إن سوريا كانت تشهد أسوأ تصاعد في أعمال العنف منذ أكثر من ثلاث سنوات، مما خلف أعمال قتل وتشويه وتشريد للمدنيين بأعداد أكبر، بالإضافة إلى دمار عميق وواسع النطاق للبنية التحتية المدنية.
وشدد على أن هذا يحدث في حين أن “جميع المصادر الأخرى للألم وعدم الاستقرار” التي يواجهها الشعب السوري لا تزال قاسية أكثر من أي وقت مضى، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الصعبة، والدمار الذي لحق بالبنية التحتية الحيوية، والوضع الإنساني العصيب، والتقارير عن الاعتقالات التعسفية والتعذيب، فيما لم يظهر أي حراك ملموس في ملف المعتقلين والمختفين والمفقودين.
وقال المبعوث الخاص: “إن سوريا والشعب السوري والمنطقة ككل ليسوا في وضع يسمح لهم بتحمل انفجارات جديدة للصراع العنيف في سوريا، سواء كانت ناجمة عن ديناميكيات داخلية أو خارجية. نحن نشهد الآن الحقيقة الصعبة المتمثلة في أنه في غياب المشاركة الحقيقية والتقدم نحو حل سياسي للصراع السوري، فإن أي استقرار يصبح هشا، وعندما ينهار، فإنه يمكن أن يطلق العنان لقوى ضخمة من العنف وعدم الاستقرار”.
“ساحة مفتوحة للجميع”
وشدد السيد بيدرسون على أن خطر ذلك حقيقي وأن “المضاد الوحيد” لذلك يكمن في التهدئة الفورية لوقف موجة العنف، وإعادة التركيز على عملية سياسية ذات مصداقية تمكن الشعب السوري من تحقيق تطلعاته المشروعة.
وشدد المبعوث الخاص على أنه من غير المقبول التعامل مع سوريا على أنها “ساحة مفتوحة للجميع، حيث يمكن للجهات الفاعلة المختلفة تصفية حساباتها مع بعضها البعض، مع الإفلات من العقاب”، وقال: “لا يمكن السماح بقرارات خارجة عن أيدي السوريين بجر سوريا إلى حرب أخرى”.
وأعرب السيد بيدرسون عن مخاوفه من أن الوضع الراهن المتوتر بالفعل في سوريا قد ينهار بالكامل، “مما يؤدي إلى بؤس لا يوصف للمدنيين السوريين ويساهم في مزيد من عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة التي هي بالفعل على وشك الانهيار”.
وشدد المبعوث الأممي على ضرورة وقف التصعيد، والتهدئة الآن من أجل سوريا.
تفاقم الوضع الإنساني
من جهتها، قالت مديرة العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إن حالة الطوارئ الإنسانية في سوريا تفاقمت خلال الأسابيع الأخيرة.
وقالت السيدة إيديم وسورنو لأعضاء مجلس الأمن إن تصاعد العنف في شمال غرب سوريا أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 70 مدنيا حتى 20 تشرين الأول /أكتوبر، من بينهم 36 امرأة و14 طفلا.
وذكرت أن أكثر من 120 ألف شخص نزحوا في إدلب وغرب حلب في الفترة من 5 و18 تشرين الأول /أكتوبر، فيما بقي عشرات الآلاف منهم خارج منازلهم، مما يضاف إلى مجموع عدد المشردين داخليا والذي كان قد بلغ 2.9 مليون شخص بالفعل شمال غرب البلاد.
وسلطت السيدة وسورنو الضوء على محنة النساء والفتيات، اللواتي يشكلن 80 بالمائة من سكان مخيمات النزوح والمواقع غير الرسمية، حيث يواجهن “تهديدات واسعة النطاق من العنف القائم على النوع الاجتماعي والعوائق التي تحول دون الوصول العادل إلى الخدمات والمساعدة”.
وفيما يتعلق بشمال شرق البلاد، قالت مسؤولة الأوتشا إن تصاعد الأعمال العدائية في وقت سابق من هذا الشهر أدى إلى تدمير مجموعة من البنى التحتية المدنية الحيوية، بما في ذلك محطات الطاقة ومرافق المياه في الحسكة والقامشلي وتل تمر ومناطق أخرى.
وحثت جميع الأطراف في سوريا على احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي، وأضافت: “كان لتصعيد الأعمال العدائية أيضا تأثير عميق على العاملين في المجال الإنساني والعمليات الإنسانية، لا سيما في شمال غرب البلاد. كان من بين القتلى ثلاثة من عمال الإغاثة، واضطرت العديد من المنظمات إلى تعليق عملياتها مؤقتا. ولا تزال بعض الأنشطة، بما في ذلك خدمات التغذية والمساحات الآمنة للنساء والفتيات، معلقة”.
استمرار جهود الإغاثة
أشارت السيدة وسورنو إلى أن الأمم المتحدة وشركاءها في المجال الإنساني مستمرون في بذل الجهود من أجل إيصال المساعدات الحيوية للمتضررين من النزاع، بما في ذلك المياه النظيفة، وإدارة النفايات، والغذاء، والخيام، وخدمات الحماية، والإمدادات الطبية الطارئة.
وقالت إن الأمم المتحدة طلبت من الحكومة السورية تمديد تصريحها لاستخدام معبري باب السلام والراعي على الحدود التركية إلى ما بعد 13 تشرين الثاني/نوفمبر لتقديم المساعدة الإنسانية الأساسية بطريقة مستدامة ويمكن التنبؤ بها.
وحذرت من أنه بعد مرور عشرة أشهر من العام الحالي، لا تزال نسبة تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا أقل من 30 بالمائة، وقالت: “بدون تمويل إضافي، وبدون موارد إضافية، سيحرم الكثير من الناس من الدعم الذي يحتاجون إليه للتغلب على أشهر الشتاء القاسية”.
واختتمت مديرة العمليات لدي الأوتشا كلمتها بالقول: “إن هذا وقت مقلق للغاية بالنسبة للمنطقة، بل وللعالم. وليس هناك نقص في الأزمات التي تستدعي اهتمامنا. ولكن مع وجود أكثر من 15 مليون شخص يحتاجون إلى الدعم الإنساني ودعم الحماية في ظروف أكثر صعوبة من أي وقت مضى، فإن الوضع في سوريا يتطلب بلا شك تركيزنا واهتمامنا المستمر”.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.