وأعرب الأمين العام في مؤتمر صحفي عن أمله في أن يساعد القرار الذي اتخذه مجلس الأمن اليوم الجمعة في تهيئة الظروف اللازمة لتحقيق ذلك في نهاية المطاف.
وقال غوتيريش إنه لا توجد حماية فعالة للمدنيين في قطاع غزة. ويستمر القصف الإسرائيلي المكثف والعمليات البرية، مشيرا إلى التقارير التي أفادت بمقتل أكثر من 20 ألف فلسطيني- غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال.
وقد أُجبر حوالي 1.9 مليون شخص- أي 85 في المائة من سكان غزة- على ترك منازلهم. فيما يعاني النظام الصحي بشدة. وتتعامل المستشفيات في الجنوب مع ما لا يقل عن أعداد من المرضى والجرحى تزيد بثلاثة أضعاف عن طاقتها، أما في الشمال، فهي بالكاد تعمل.
ووفقا لبرنامج الأغذية العالمي، تلوح في الأفق مجاعة واسعة النطاق. ويواجه أكثر من نصف مليون شخص – أي ربع السكان – ما يصنفه الخبراء بمستويات كارثية من الجوع. ويعيش أربعة من كل خمسة من الأشخاص الأكثر جوعا في أي مكان في العالم في غزة، حسبما قال الأمين العام.
كما أشار الأمين العام إلى ندرة المياه النظيفة. فقد وجدت اليونيسف أن الأطفال النازحين في الجنوب لا يحصلون إلا على عشرة بالمئة من كمية المياه التي يحتاجونها. ونقل الأمين العام روايات قدامى العاملين في المجال الإنساني الذين خدموا في مناطق الحروب والكوارث في جميع أنحاء العالم ورأوا كل شيء – والذين قالوا إنهم لم يروا شيئا يماثل الوضع الذي يرونه في غزة اليوم.
أربعة عناصر غائبة
وقال الأمين العام إن العديد من الناس يقيسون مدى فعالية العملية الإنسانية في غزة بعدد شاحنات الهلال الأحمر المصري والأمم المتحدة والشركاء التي يسمح لها بتفريغ المساعدات عبر الحدود، قائلا إن ذلك “خطأ”.
وأشار إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن الطريقة التي تدير بها إسرائيل هذه الهجمات تخلق عقبات هائلة أمام توزيع المساعدات الإنسانية داخل غزة، مؤكدا أن أي عملية إغاثة فعالة في غزة تتطلب توفير الأمن؛ وموظفين يمكنهم العمل بأمان؛ والقدرات اللوجستية واستئناف النشاط التجاري. وقال الأمين العام إن هذه العناصر الأربعة غير موجودة.
أولا، على الصعيد الأمني، قال الأمين العام إن القصف الإسرائيلي المكثف والقتال النشط في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان في جميع أنحاء غزة يهدد حياة المدنيين والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية على حد سواء. وأشار إلى أن الأمم المتحدة انتظرت 71 يوما حتى تسمح إسرائيل أخيرا بدخول المساعدات إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم. ثم تعرض المعبر للقصف بينما كانت شاحنات المساعدات في المنطقة.
فيما يتعلق بالعاملين الإنسانيين، أشار الأمين العام إلى مقتل 136 من زملائنا في غزة خلال 75 يوما – وهو أمر لم نشهده من قبل في تاريخ الأمم المتحدة. وحيا النساء والرجال الذين قدموا التضحيات الكبرى، وأشاد بالآلاف من العاملين الإنسانيين الذين يخاطرون بصحتهم وحياتهم في غزة الآن.
وفيما يتعلق بالخدمات اللوجستية، شدد أنطونيو غوتيريش على ضرورة تفريغ كل شاحنة تصل إلى كرم أبو سالم ورفح، وإعادة تحميل حمولتها لتوزيعها في جميع أنحاء غزة. وقال الأمين العام إن الأمم المتحدة نفسها لديها عدد محدود وغير كاف من الشاحنات المتاحة لهذا الغرض.
وأضاف “تم تدمير العديد من مركباتنا وشاحناتنا أو تُركت في الشمال بعد إجلائنا القسري والمتسارع، لكن السلطات الإسرائيلية لم تسمح لأي شاحنات إضافية بالعمل في غزة. وهذا يعيق بشكل كبير عملية المساعدات”.
وقال الأمين العام إن إيصال المساعدات في الشمال أمر خطير للغاية بسبب الصراع الدائر والذخائر غير المنفجرة والطرق المتضررة بشدة، مضيفا أن انقطاع الاتصالات المتكرر يجعل تنسيق توزيع المساعدات، وإعلام الناس بكيفية الوصول إليهم يكاد يكون مستحيلا.
ورابعا، أكد الأمين العام على ضرورة استئناف الأنشطة التجارية. وأضاف: “الرفوف فارغة؛ المحافظ فارغة. البطون جائعة وفارغة. ولا يوجد سوى مخبز واحد يعمل في قطاع غزة بأكمله”. وحث السلطات الإسرائيلية على رفع القيود المفروضة على النشاط التجاري على الفور، مؤكدا استعداد الأمم المتحدة لزيادة دعمنا للمنح النقدية للعائلات الضعيفة- وهو الشكل الأكثر فعالية للمساعدات الإنسانية. “لكن في غزة ليس هناك ما يمكن شراؤه”.
دعوة إلى الإفراج عن الرهائن
وقال الأمين العام إن إسرائيل بدأت عمليتها العسكرية ردا على الهجمات الإرهابية المروعة التي شنتها حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر، مؤكدا عدم وجود ما يمكن أن يبرر تلك الهجمات، أو الاختطاف الوحشي لنحو 250 رهينة.
وجدد الدعوة للإفراج عن جميع الرهائن المتبقين فورا ودون قيد أو شرط. وأضاف الأمين العام أن شيئا لا يمكن أن يبرر استمرار إطلاق الصواريخ من غزة على أهداف مدنية في إسرائيل، أو “استخدام المدنيين كدروع بشرية”. وفي الوقت نفسه، قال إنه لا يمكن لهذه الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني أن تبرر أبدا العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني، كما أنها لا تعفي إسرائيل من التزاماتها القانونية.
حل الدولتين هو السبيل الوحيد
وأبدى الأمين العام خيبة أمل شديدة إزاء التعليقات التي يدلي بها كبار المسؤولين الإسرائيليين والتي تشكك في حل الدولتين، مشددا على أن حل الدولتين- بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقات السابقة- هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام المستدام.
ولفت الانتباه إلى أن أي اقتراح بخلاف ذلك، يحرم الشعب الفلسطيني من حقوق الإنسان والكرامة والأمل، ويؤجج غضبا يتردد صداه إلى ما هو أبعد من غزة. كما أنه يحرم إسرائيل من مستقبل آمن. وحذر من أن الصراع قد بدأ بالفعل يمتد إلى خارج غزة.
وأضاف: “الضفة الغربية المحتلة وصلت إلى نقطة الغليان. ويشكل التبادل اليومي لإطلاق النار عبر الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل خطرا جسيما على الاستقرار الإقليمي. وتؤثر الهجمات والتهديدات التي تتعرض لها سفن الشحن على البحر الأحمر من قبل الحوثيين في اليمن على عمليات الشحن مع احتمال التأثير على سلاسل التوريد العالمية”.
وخارج المنطقة المباشرة، قال الأمين العام إن الصراع يؤدي إلى استقطاب في المجتمعات، ويغذي خطاب الكراهية والتطرف، مشيرا إلى أن كل هذا يشكل تهديدا كبيرا ومتزايدا للسلم والأمن العالميين. لكن السيد أنطونيو غوتيريش أكد أنه سيواصل القيام بدوره وأنه لن يستسلم. وفي الوقت نفسه، أكد على ضرورة أن يتحدث المجتمع الدولي بصوت واحد: من أجل السلام، وحماية المدنيين، ووضع حد للمعاناة، والالتزام بحل الدولتين – مسنودا بالعمل.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.